في عالم الموسيقى الشعبية المغربية، يبرز اسم حسن أرسموك كأحد أبرز الفنانين الذين ساهموا في نشر الأغنية الأمازيغية، وتحديدًا فن الروايس. بصوته الدافئ وحضوره القوي، استطاع أن يخلّد مكانته في قلوب جمهوره داخل المغرب وخارجه. لم يكن حسن مجرد فنان يؤدي أغانٍ، بل كان سفيرًا حقيقيًا للثقافة الأمازيغية، يعكس من خلال أعماله تراثًا غنيًا يمتد جذوره في الجنوب المغربي.
من هو حسن أرسموك؟
وُلد الفنان حسن بوزمان سنة 1963 في دوار "إرسموكن" التابع لبلدة أنزي بإقليم تزنيت جنوب المغرب. وقد اشتهر بلقب أرسموك، وهي كلمة أمازيغية تعني "المنتمي إلى إرسموكن". منذ صغره كان شغوفًا بالغناء والموسيقى، فتعلم العزف والغناء وسط بيئة تقليدية غنية بالأهازيج الأمازيغية. هذا الشغف جعله يبدأ مسيرته الفنية في وقت مبكر جدًا، ليصبح لاحقًا أحد أبرز الوجوه الفنية الأمازيغية.
---
البدايات الفنية
بدأ حسن أرسموك مساره الغنائي في الثمانينيات، لكن شهرته الكبيرة جاءت في التسعينيات بعد أن أسس فرقته الموسيقية الخاصة. عمل على تطوير أسلوبه ليجمع بين أصالة فن الروايس وإيقاعات متجددة تناسب الذوق المعاصر.
تعاون مع كبار الفنانين الأمازيغ مثل عائشة تاشنويت، فاطمة تبعمرانت، الرايس الحسين، وسعيد أوتاحجت. هذه التعاونات عززت مكانته بين نجوم الأغنية الأمازيغية، وسمحت له بالوصول إلى جمهور أوسع.
---
الإنتاج الفني الغزير
يُعتبر حسن أرسموك واحدًا من أكثر الفنانين الأمازيغ إنتاجًا. فقد سجّل أكثر من 120 أغنية ضمن 18 ألبومًا متنوعًا. تنوعت موضوعاته بين الغزل، والمدح، والغربة، والواقع الاجتماعي والسياسي. وبفضل هذا الزخم الفني، أصبحت أغانيه متداولة في الأعراس، المهرجانات، وحتى في القنوات الإذاعية والتلفزية المغربية.
من أشهر أغانيه تلك التي تمزج بين الكلمات البسيطة العميقة والإيقاعات الحماسية التي تدفع الجمهور إلى الرقص والتفاعل.
---
الحضور في المهرجانات والحفلات
لم يقتصر نشاط حسن أرسموك على التسجيلات الصوتية، بل كان حاضرًا بقوة في مختلف المناسبات الفنية. فقد شارك في حفلات الزفاف التقليدية بالجنوب المغربي، كما شارك في كبرى المهرجانات الوطنية مثل موازين وتيميتار بأكادير.
وخارج المغرب، سافر حسن أرسموك لإحياء حفلات للجالية المغربية في أوروبا، حيث وجد إقبالًا كبيرًا من محبي الفن الأمازيغي.
---
أسلوبه الموسيقي
يتميز حسن أرسموك بأسلوب فني فريد يجمع بين الأصالة والتجديد. فهو يستعمل الآلات التقليدية مثل العود والرباب، مع إدخال لمسات عصرية تجعل موسيقاه قريبة من الجيل الجديد.
كما أن صوته العميق وإحساسه الصادق يمنحان لأغانيه طابعًا روحانيًا خاصًا. يغني في الغالب باللهجة الأمازيغية (الشلحة)، مما جعله رمزًا للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية.
---
دور حسن أرسموك في نشر الثقافة الأمازيغية
لا يمكن الحديث عن حسن أرسموك دون الإشارة إلى دوره في نشر الثقافة الأمازيغية. فأغانيه ليست مجرد مقطوعات موسيقية، بل هي رسائل تحكي قصص الناس البسطاء، تعكس قيم التضامن، الحب، والتمسك بالهوية.
من خلال فنه، ساهم في تعريف الأجيال الجديدة بجمال اللغة الأمازيغية وقوة تراثها الموسيقي. وهذا ما جعله يُعتبر سفيرًا للثقافة الأمازيغية في المغرب والعالم.
---
التواجد الرقمي
مع تطور التكنولوجيا، حرص حسن أرسموك على مواكبة العصر. يمتلك قناة رسمية على يوتيوب تضم عشرات الأغاني المصورة، إضافة إلى حضوره على منصات الموسيقى مثل أنغامي وسبوتيفاي. هذا التواجد الرقمي ساعده على الوصول إلى جمهور جديد يتجاوز حدود المغرب.
---
تأثيره على الساحة الفنية
يُعتبر حسن أرسموك مصدر إلهام للعديد من الفنانين الشباب الذين يرغبون في السير على خطاه. فقد أثبت أن الأغنية الأمازيغية قادرة على المنافسة والانتشار إذا ما قُدمت بحب واحترافية. كما أنه حافظ على مكانة فن الروايس في زمن أصبحت فيه الموسيقى العصرية تطغى على الساحة.
---
خاتمة
يظل حسن أرسموك واحدًا من أهم رموز الأغنية الأمازيغية المعاصرة. بصوته الدافئ، أعماله الغزيرة، وحضوره القوي، استطاع أن يخلد اسمه كأيقونة من أيقونات الفن المغربي. هو فنان جمع بين الأصالة والتجديد، وبين المحلية والعالمية، ليبقى بذلك جسرًا يربط بين تراث الجنوب المغربي والعالم بأسره.
المصادر ويكيبيديا حسن أرسموك