صالح الباشا.. قصة فنان مغربي حمل الحب في قلبه والصوت في وجدانه

الفنان صالح الباشا.. قصة فنان مغربي حمل الحب في قلبه والصوت في وجدانه



في صمتٍ مؤلم، رحل الفنان المغربي صالح الباشا، أحد الأصوات الأمازيغية الأصيلة، الذي عاش شامخًا بفنه ومتواضعًا في حياته، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الأغاني التي تحاكي وجدان الإنسان الأمازيغي، وقصة إنسانية يجهلها كثيرون.


بداية من الفقيه إلى الفنان



لم يكن صالح الباشا فنانًا عادياً، بل كانت بدايته مختلفة تمامًا عن المتوقع. فقد كان فقيهًا حافظًا لكتاب الله، يخرج "السلكة" ويعلم الأطفال القرآن الكريم. كان شابًا متدينًا، يعيش في كنف البساطة، يخطط لحياة هادئة يسودها الإيمان والحب.


حب لم يُكتب له أن يكتمل



بحسب شهادة إحدى قريباته، فقد كان الباشا يعيش قصة حب كبيرة مع ابنة عمه، حبٌ صادق وعميق جعله يتقدم لخطبتها. لكن والدها رفض طلبه، بسبب فقره وبساطته، مفضلاً تزويجها لرجل آخر "لباس عليه" من عائلة زوج عمها.

ذلك القرار لم يكن سهلًا على قلب الباشا. فقد هز كيانه، وترك جرحًا عميقًا في روحه. ومن هنا، قرر ترك طريق الفقه، واختار الفن وسيلة للتعبير عن حزنه وألمه، حاملًا وعدًا في قلبه: ألا يتزوج أبدًا، وهو ما التزم به طيلة حياته.


الفن كرسالة وفاء




لم تكن أغانٍ صالح الباشا مجرد كلمات تُغنى، بل كانت رسائل مشحونة بالمشاعر، موجهة لتلك الحبيبة التي بقيت في قلبه رغم مرور السنين. فقد قال ذات يوم:


> "أنا ما كنآمنش باللي الإنسان كيبغي بزاف د المرات… هاديك حبيتها وسديت قلبي، صاف."




هذا العمق العاطفي هو ما جعل أغانيه مختلفة، حقيقية، ومليئة بالصدق. كتب ولحن وغنى بأسلوبه الخاص، ونجح في لامس قلوب الآلاف من عشاق الطرب الأمازيغي.


شهادة حق من أحد أفراد عائلته


تروي إحدى قريباته بتأثرٍ بالغ:


>اانا غنعاود ليكم القصة ديالو حيت عارفة كولشي وبالتفصيل هوا من عائلتي وعارفة شنو طرا ليه اول حاجة الله يرحمو ويغفر ليه هوا من قبل كان فقيه قاري القرآن ومخرج السلكة وكيبغي بنت عمو كيبغيها واحد الحب لي عجييييب خطبها من عند عمو مبغاش يعطيها ليه حيت مكان عندو والو وعمت البنت مات ليها راجلها لباااااس عليه ناض باها زوجها لراجل عمتها على قبل الفلوس وهوا من ديك الساعة غادي يدخل الغنا وحلف وقطع وعد على راسو عمرو يتزوج وكاع اغانيه كيغني عليها وقاليك انا مكنآمنش بلي الانسان كيبغي بزاف دلمرات قال هاديك حبيتها وسديت قلبي صاف والسيد ماشي غير تشوفوه مغني وتقولو راه مامزيانش انا هادشي شفتو بعيني وكنشهد شهادت حق كيجي لبلاد ايداوگرض كل عام كيدير طلبة ويجمع الناس كيدير صدقة كووولشي كياكل ويشرب لي جا كياكل ويشرب ويعطيه 500 درهم لواحد من الطلبة من ناس كيعاون الناس بزااااف فالقفة ديال رمضان فالضحية فكولشي مكاينش لي طلبو على شي حاجة يعاونو فيها ورضو مسكين كان من اطيب خلق الله، الله يرحمو ويغفر ليه لي بقا فيا بزااااف حيت هوا مسكين والديه ماتو وساكن بوحدو جاتو ازمة قلبية ومات بقا 3 ايام وهوا ميت عاد ساقو الناس الخبار دابا راه غادي يجيبوه لبلاد ايداوگرض هوا كان طلب ديالو يلا مات يتدفن هنا ويالله خرج اغنية جديدة كان حاس مسكين قال فيها بزاااف ديال رسائل وهوا ماشي غير مغني شاعر واغانيه كلها عبر خلاصة القول دعيو معاه بالرحمة والمغفرة واحد الملاحضة شفت البنات كيقولوها ديك البنت لي بغا راه مطلقاتش باقا مزوجة بهداك لحد ساعة وهشي لي كاين هادي هي قصتو مسكين"




النهاية الحزينة لرجل طيب


عاش وحيدًا بعد فقدان والدته، وفي منزله بالدراركة أكادير، حيث أصابته أزمة قلبية مفاجئة، وظل ميتًا في بيته ثلاثة أيام دون أن يشعر به أحد، حتى شعروا اقاربه بغيابه . وبحسب رغبة أوصى بها، سيتم دفنه في مسقط رأسه  إيدا وگرض ، حيث أراد دائمًا أن يرقد في سلام.


قبل وفاته، أطلق أغنيته الأخيرة، التي كانت مليئة بالرسائل المؤثرة، التي توحي بالنهاية  حيت كان عنوان اخر اغنية له" أور سول داري ماتينيغ إلموحبين إنوا" بمعنى انه ليس لدي شيئ اخر لقوله للمحبين وكأنه كان يشعر أن النهاية قريبة.


شاعر قبل أن يكون فنانًا


لم يكن مجرد مغنٍ، بل كان شاعرًا حقيقياً، صاغ بكلماته أحاسيس شعب بأكمله. اختزل في أبياته تجارب الحب، الفقد، والحنين، وبصوته حمل تراث الأمازيغية نحو قلوب المستمعين في كل مكان.


الختام: دعاء لفنان لن يتكرر


بوفاة صالح الباشا، تفقد الساحة الفنية الأمازيغية صوتًا أصيلاً، وروحًا صافية، لم ينس قريته، ولا دينه، ولا أهله، ولا إنسانيته.

ندعو له بالرحمة والمغفرة، وان يرزقه جنة الفردوس 




إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال