الرايس أحمد أوطالب المزوضي: فنان من جيل الكبار ومدرسة في فن الروايس الأمازيغي
مقدمة
يعتبر الرايس أحمد أوطالب المزوضي أحد الأسماء اللامعة في سماء الأغنية الأمازيغية، وأحد المجددين في فن "الروايس"، حيث تمكن من ترك بصمة فنية لا تُنسى في هذا اللون الموسيقي العريق. انطلقت مسيرته الفنية منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وامتدت إلى أن أصبح من الفنانين المرجعيين، الذين تتلمذ على أيديهم جيل جديد من الروايس والرايسات.
النشأة والبدايات
ولد الرايس أحمد أوطالب المزوضي سنة 1955 في دوار توخربين الواقع ضمن تراب قبيلة مزوضة بإقليم شيشاوة. نشأ في وسط فني بامتياز، إذ كان والده رئيس فرقة "أحواش"، بينما انتمى أعمامه إلى مجموعة "إنضامن"، وهي من أشهر المجموعات الغنائية الشعبية في المنطقة.
منذ الصغر، رافق المزوضي الفرق الموسيقية المحلية، وتعلم العزف على آلات بسيطة كـ"البندير"، ثم بدأ لاحقًا في نظم الشعر الأمازيغي والمشاركة في السهرات الفنية المحلية، ليشق طريقه نحو الاحتراف.
بداية المسار الفني
انطلقت المسيرة الفنية الحقيقية للرايس أحمد أوطالب المزوضي سنة 1979، حيث كان أول ظهور له إلى جانب كبار فن الروايس، من أمثال الرايس محمد الدمسيري، الرايس الحسن بوميا، الرايسة رقية الدمسيرية، والرايس مبارك أيسار. وساهم هذا الاحتكاك في صقل موهبته، وتطوير أسلوبه الخاص.
بتشجيع من الرايسة رقية، تعلم العزف على آلة "البانجو" والربابة، وبدأ في إنتاج أغانيه وتسجيل ألبوماته الخاصة. كان أول ألبوم له ناجحًا جماهيريًا، حيث تميز بأسلوبه الجديد المختلف في الشكل والمضمون.
أسلوبه وتأثيره في فن الروايس
اشتهر الرايس المزوضي بأسلوب فني حديث، مزج فيه بين الأصالة والتجديد. تناول في أغانيه مواضيع اجتماعية وإنسانية، مثل الحب، الغربة، الحرية، والهوية. كما عُرف بجرأته في طرح المواضيع الحساسة، مع حفاظه الدائم على لغة شعرية قوية باللهجة الأمازيغية.
أثر الرايس المزوضي بشكل كبير في الجيل الجديد من الفنانين، حيث تعلم على يديه عدد من الأسماء المعروفة اليوم في الساحة الأمازيغية، مثل:
-
الرايسة زوبيدة تِتْكِيت
-
الرايسة عائشة تاشنويت
-
الرايسة خديجة تاشنويت
-
الرايس محمد أزنكاض
-
الرايس عمر أتيگي
-
مجموعة "بنات أوطالب"
ولا يزال يُعتبر مدرسة قائمة بذاتها في الغناء الأمازيغي العصري.
أعماله وشهرته
من بين أشهر الأغاني التي أصدرها:
-
مكيد يوين أبووزار
-
ماسول إران
-
أجيي وكان أجيي وكان
وقد ساهمت هذه الأعمال في تحقيق شهرة واسعة للرايس أحمد أوطالب داخل المغرب، خاصة في منطقة سوس، كما وصلت شهرته إلى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خصوصًا في فرنسا وهولندا وبلجيكا، حيث وجد جمهورًا يتفاعل بقوة مع فنه الراقي.
الخاتمة
يمثل الرايس أحمد أوطالب المزوضي أحد أعمدة الأغنية الأمازيغية الحديثة، وفنانًا ملتزمًا حافظ على أصالة فن الروايس، وفي نفس الوقت طوّره بما يلائم العصر. لقد استطاع أن يحفر اسمه في الذاكرة الفنية المغربية، ليس فقط كفنان، بل كمعلم ومجدد، ومرجع ثقافي وتراثي للأجيال القادمة.