الممثل الأمازيغي المغربي مصطفى أبيريك: قصة نجاح وإبداع

مصطفى أبيريك: أيقونة التمثيل الأمازيغي المغربي وصوت الفن العصري

الممثل الأمازيغي المغربي مصطفى أبيريك يُعتبر أحد أبرز نجوم الساحة الفنية الأمازيغية في المغرب، لما يتميز به من تنوع في الأدوار وإبداع مستمر في الأداء. وُلد مصطفى سنة 1983 بمدينة إمينتانوت في عمالة شيشاوة، وهو حاصل على شهادة البكالوريا في تخصص التربية البدنية. منذ صغره أبدى شغفًا بالفن والمسرح، وقد انعكس هذا الشغف لاحقًا في مسيرة حافلة بالإبداع والإنجازات.


البدايات الفنية

بدأ مصطفى مشواره الفني منذ الصغر، حيث شارك في مسرح الطفل بالمدارس تحت إشراف وزارة التربية والتعليم. كانت هذه التجربة المبكرة بمثابة نقطة الانطلاق التي مكّنته من اكتساب الثقة أمام الجمهور وفهم أساسيات التمثيل على خشبة المسرح.

مع مرور الوقت، قرر مصطفى تحويل هوايته إلى مسار مهني. انطلقت مسيرته الاحترافية سنة 1999، حين بدأ العمل في الساحة الفنية الأمازيغية، مستفيدًا من دعم عدد من الفنانين المخضرمين، مثل نور الدين بن سعيد، فاطمة بوبكدي، وإبراهيم بوبكدي. وقد ساعده هذا الاحتكاك المبكر على صقل موهبته وتطوير أسلوبه الشخصي الذي يجمع بين الأصالة والتجديد.


أول ظهور سينمائي

كانت الانطلاقة الحقيقية أمام الكاميرا عام 2002، حين شارك في فيلم "حمو أونامير" من إخراج فاطمة علي بوبكدي وسيناريو عبدرحمان أوتفنوت. هذا العمل السينمائي شكل نقطة تحول مهمة في مسيرته، إذ أتاح له فرصة الظهور أمام جمهور واسع، وبرزت موهبته في تجسيد الشخصيات المختلفة، مما أكسبه شهرة أولية ومكنه من الانتقال إلى أدوار أكبر وأكثر تحديًا.


أبرز الأعمال الفنية

على مدار السنوات التالية، شارك مصطفى في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، التي تنوعت بين الأدوار الدرامية والكوميدية والاجتماعية، مما أثبت قدرته على التكيف مع مختلف الشخصيات.

أولًا: الأفلام:

  • "ايتماتن"

  • "بونيت"

  • "تبرات"

  • "تدمنين ن عمي موسى"

  • "الشريط"

  • "تزيت"

  • "نتان نغد نتات"

  • "أودم ياضنين"

  • "مسعود أوسعدان أوسعيدة"

  • "أناتوو"

  • "بوجاكور"

ثانيًا: المسلسلات:

  • "4 من 40 سنة"

  • "تامازالت"

  • "بابا علي الجزاء 1 و2"

بالإضافة إلى التمثيل، عمل مصطفى كمساعد مخرج في عدد من الأعمال، ما أضاف بعدًا جديدًا إلى خبرته الفنية ومكنه من فهم الإنتاج الفني من جميع الزوايا.


مشاركاته في القنوات الوطنية

ساهم مصطفى أبيريك في إثراء المحتوى الفني على القنوات المغربية الرسمية:

  • القناة الأولى: شارك في أعمال مثل مسلسل "أمود" باللغة العربية الفصحى، فيلم "ماريشال حمام"، ومسلسل "ليالي الحي القديم".

  • قناة 2M: ظهر في مسلسلات مثل "ربعة من ربعين"، "رمانة وبرطال"، "حديدان", و*"حديدان في كليز"*.

  • قنوات أخرى: شمل عمله أيضًا المسلسل السعودي "الهبوب" لفائدة قناة شاهد، وعدد من البرامج المدبلجة لقناة تمازيغت وراديو الأمازيغية.

هذا الانتشار ساعده على تكوين قاعدة جماهيرية واسعة، ليس فقط في المغرب، بل أيضًا لدى الجالية المغربية في أوروبا وأمريكا الشمالية.


التكريم ومحبة الجمهور

مسيرة مصطفى أبيريك الفنية حافلة بالإنجازات، فقد حظي بالعديد من التكريمات في المهرجانات والمحافل الفنية، بفضل تنوع أدواره وقدرته على تجسيد الشخصيات بواقعية تامة. محبة الجمهور له تعكس التقدير العميق لموهبته، فهو لم يكتفِ بالمشاركة في الأعمال الفنية، بل أصبح رمزًا للإبداع الفني الأمازيغي، ومثالًا على النجاح المستمر في الحفاظ على الهوية الثقافية من خلال الفن.


أسلوبه الفني وتأثيره

يمتاز مصطفى بأسلوب فني يجمع بين الأصالة والتجديد، مستندًا إلى التراث الأمازيغي، ومواكبًا في الوقت نفسه لمتطلبات العصر. صوته العميق وأداؤه المميز يمنحان للأدوار التي يؤديها طابعًا إنسانيًا وروحانيًا، كما يجيد استخدام اللغة الأمازيغية (الشلحة) بطريقة تحافظ على الأصالة اللغوية وتُبرز ثراء الثقافة الأمازيغية.

كما أن مشاركاته في مختلف أنواع الأعمال السينمائية والتلفزيونية أظهرت قدرته على تقديم الرسائل الاجتماعية والثقافية بأسلوب جذاب، مما جعله مؤثرًا في الجمهور، خاصة الشباب، ومن هنا أصبح مصدر إلهام للعديد من الفنانين الصاعدين.


دوره في نشر الثقافة الأمازيغية

لا يمكن الحديث عن مصطفى أبيريك دون الإشارة إلى دوره البارز في تعزيز الثقافة الأمازيغية. من خلال أعماله، ساهم في إيصال التراث الفني للأجيال الجديدة، وأظهر أن الأغنية والتمثيل الأمازيغي قادران على المنافسة مع الإنتاج الفني العالمي. أغانيه وأدواره تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية، تحاكي الواقع المغربي وتعكس القيم الثقافية والهوية الأمازيغية الأصيلة.


التواجد الرقمي والتفاعل مع الجمهور

مع تطور التكنولوجيا، حرص مصطفى على مواكبة العصر، فأنشأ قناة رسمية على يوتيوب تضم عشرات الأغاني المصورة، إضافة إلى حضوره على منصات الموسيقى مثل أنغامي وسبوتيفاي. هذا التواجد الرقمي ساعده على الوصول إلى جمهور جديد، وتوسيع قاعدة محبيه، خاصة الشباب الذين يبحثون عن الفن الأصيل الممزوج باللمسات العصرية.


تأثيره على الساحة الفنية المغربية

أصبح مصطفى أبيريك قدوة للفنانين الشباب الذين يسعون للحفاظ على التراث الأمازيغي، بينما يقدّمونه بأسلوب عصري ومبتكر. وقد أظهر من خلال مسيرته أن الأغنية الأمازيغية والفن الشعبي قادران على الاستمرار والانتشار إذا ما قدما بإتقان وحب. كما ساهم في تعزيز مكانة فن الروايس في زمن أصبح فيه التأثير الإعلامي والموسيقى العصرية يسيطر على الساحة الفنية.


خلاصة

يبقى مصطفى أبيريك أحد أعمدة الفن الأمازيغي الحديث، حيث جمع بين الموهبة والاحترافية والانتماء الثقافي. مسيرته الطويلة والمتنوعة تثبت أنه ليس مجرد ممثل، بل رمز للإبداع الفني الأمازيغي في المغرب، وسفير للهوية الثقافية أمام الأجيال الجديدة والمجتمع الدولي. بصوته الدافئ، حضوره القوي، وأعماله الغنية، استطاع أن يخلد اسمه كأيقونة من أيقونات الفن المغربي الحديث.

مصادر:

  • ويكيبيديا – مصطفى أبيريك

  • أرشيف القنوات المغربية وبرامج تمازيغت

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال