إيض يناير: احتفال الأمازيغ ببداية عام جديد بروح الأرض والهوية

 

مقدمة

في ليلة باردة من ليالي يناير، تحت سماء الأطلس أو بين سهول سوس والريف، تجتمع الأسر الأمازيغية حول مائدة عامرة بالأكلات التقليدية، يغنون، يرقصون، ويحتفلون بما يعرف بـ**"إيض يناير"**، رأس السنة الأمازيغية، الذي يرمز لبداية عام فلاحي جديد وارتباط روحي عميق بالأرض.


ما هو إيض يناير؟

"إيض يناير" أو "أسكاس أماينو" يعني اليوم الأول من السنة الأمازيغية، ويُصادف عادة 12 يناير من كل عام. يُعتقد أن هذا العيد يعود إلى انتصار الملك الأمازيغي شيشنق على الفراعنة المصريين سنة 950 قبل الميلاد، وهو الحدث الذي اعتمد كبداية للتقويم الأمازيغي، الذي نحن الآن في سنته 2975 (في عام 2025).


الاحتفال بالأرض والخصب

رأس السنة الأمازيغية ليس فقط مناسبة تاريخية، بل هو احتفال بـالأرض، والزراعة، والخصب. يُعتبر بداية السنة الفلاحية، لذلك ترافقه طقوس تقليدية متجذرة في الثقافة المحلية، مثل:

  • تقديم أطباق غنية بالحُبوب والخُضر الموسمية.

  • تقديم الطعام للطيور أو ترك جزء من الطعام خارج البيت، تيمناً بالخير والبركة.

  • إشعال النار أحيانًا في بعض المناطق، كرمز للنور والتجدد.


الأكل التقليدي: لذة بطعم الهوية

من أبرز مظاهر الاحتفال بإيض يناير هو المائدة العامرة بالأكلات التقليدية. تختلف من منطقة لأخرى، لكن من أشهر الأطباق:

  • تاكلا (عصيدة من دقيق الشعير أو الذرة مضاف إليها العسل أو السمن).

  • الكسكس بالسبع خضار، يرمز للوفرة والخصوبة.

  • في بعض المناطق تُخبأ نواة تمر أو نواة زيتون في طبق العصيدة، ومن يجدها يُعدّ "محظوظ السنة".


الأزياء والاحتفالات

ترتدي النساء والفتيات الأمازيغيات اللباس التقليدي المزين بالحلي الفضية، وتُنظم حفلات فلكلورية وأغانٍ ورقصات أمازيغية، خصوصًا في القرى والمناطق الجبلية. وفي بعض المدارس والمراكز الثقافية، يُخصص هذا اليوم للاحتفال بالتراث عبر عروض فنية وأناشيد باللغة الأمازيغية.


إيض يناير اليوم: بين التراث والاعتراف

رغم أن "إيض يناير" كان يُحتفل به شعبيًا فقط لعقود، فقد بدأ الاعتراف الرسمي به في بعض الدول:

  • في الجزائر، تم اعتماده يوم عطلة رسمية منذ 2018.

  • في المغرب، تم الإعلان سنة 2023 عن جعله يوم عطلة وطنية رسمية، وهو انتصار رمزي كبير للثقافة الأمازيغية.


خاتمة

"إيض يناير" هو أكثر من مجرد يوم في التقويم، إنه ذاكرة جماعية وهوية متجددة. احتفال يعكس عمق العلاقة بين الإنسان الأمازيغي وأرضه، وبين ماضيه ومستقبله. إنه مناسبة للفرح، وللتذكير أن الهويات الأصلية لا تندثر، بل تتجدد مع كل جيل جديد يقول بفخر: أسكاس أماينو!



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال